الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نواسخ القرآن
.ذِكْرُ الآيَةِ الثَّامِنَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}. فَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ قَالَ: أَبْنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحسن، قال: بنا إبراهيم ابن الحسين، قال: بنا آدم، قال: بنا وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «سأزيد عَلَى سَبْعِينَ مَرَّةً» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ لَنْ يغفر الله لهم عزماً. وَقَدْ حَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: فَنُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً}. قُلْتُ: وَالصَّحْيِحُ إِحْكَامُ الآيَةِ عَلَى مَا سَبَقَ. .ذِكْرُ الآيَةِ التَّاسِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ}. أحدها: أنه لا يَصِحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ تنافٍ، وَالْمَنْسُوخُ لا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ مَعَ النَّاسِخِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لا يَصِحُّ أَنْ يُدَّعَى نَسْخُ هَذِهِ الآيَةِ بَلْ إِنْ قِيلَ مَفْهُومُهَا منسوخ، ومفهومها عِنْدَهُمْ، فَقُلْ لِي عَمَلِي، وَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ وَلا تُقَاتِلْهُمْ، وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِكَ إِنَّمَا مَعْنَى الآيَةِ: لِي جَزَاءُ عَمَلِي فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَوَبَالُهُ عَلَيَّ، وَلَكُمْ جَزَاءُ عَمَلِكُمْ فِي تَكْذِيبِكُمْ لِي، وَفَائِدَةُ هذا أنه لا يجازي أحد إلاّ بعمله ولا يأخذ بجرم غيره وهذا لا يَمْنَعُ مِنْ قِتَالِهِمْ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى مَا يُفْهَمُ مِنْهَا فلا وجه للنسخ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}. .ذِكْرُ الآيَةِ السَّادِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ}. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ هُودٍ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}. وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ، لِأَنَّ الْمُحَقِّقِينَ قَالُوا: مَعْنَاهَا: إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُنْذِرَهُمْ بِالْوَحْيِ لا أَنْ تَأْتِيَهُمْ بِمُقْتَرَحِهِمْ مِنَ الآيَاتِ، وَالْوَكِيلُ: الشَّهِيدُ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: هَذَا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ، مَعْنَاهُ: اعْمَلُوا مَا أَنْتُمْ عَامِلُونَ فَسَتَعْلَمُونَ عَاقِبَةَ أَمْرِكُمْ، وَانْتَظِرُوا مَا يَعِدُكُمُ الشَّيْطَانُ، إِنَّا مُنْتَظِرُونَ مَا يعدنا ربنا وهذا لا يُنَافِي قِتَالَهُمْ فَلا وَجْهَ للنسخ. .باب: ذكر الآيات التي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}. إِمَّا أَنْ يراد به التَّجَاوَزُ عَنْ تَعْجِيلِ عِقَابِهِمْ فِي الدُّنْيَا، أَوِ الْغُفْرَانُ لَهُمْ إِذَا رَجَعُوا عَنْهُ، وَلَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُغْفَرُ لِلْمُشْرِكِينَ إِذَا مَاتُوا عَلَى الشِّرْكِ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}. قال أبو بكر: وبنا موسى بن هارون، قال: بنا الحسين، قال: بنا شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} قَالَ: نُسِخَ هَذَا بَعْدُ، فَقَالَ: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: بنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَبْنَا الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرِ بن أبي داود، قال: بنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}، قال: هذا من المنسوخ. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً}. أحدها: أَنَّهُ الْخَمْرُ. قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو الْفَضْلِ الْبَقَّالُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنِ بِشْرَانَ، قَالَ: أَبْنَا إِسْحَاقُ الكاذي، قال: بنا عبد الله بن أحمد ابن حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} قَالَ: النَّبِيذُ فَنَسَخَتْهَا: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآيَةُ. أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا حفص بن عمر، قال: بنا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي رَزِينٍ أنهم قَالُوا: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} قَالُوا هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَبْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ العباس، قال: بنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قال: بنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: بنا أبو علي الحنفي، قال: بنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً}، قَالَ: الْخَمْرُ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرحمن بن الحسن قال: بنا إبراهيم ابن الحسين قال: بنا آدم، قال بناورقاء عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} قَالَ: السَّكَرُ: الْخَمْرُ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا، وهذا قول الحسن وابن أَبِي لَيْلَى وَالزَّجَّاجِ، وَابْنِ قُتَيْبَةَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِذْ كَانَتِ الْخَمْرُ مُبَاحَةٌ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {فَاجْتَنِبُوهُ} وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالنَّخَعِيُّ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَلَى هذا القول ليست بِمَنْسُوخَةٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّهُ خَلَقَ لَكُمْ هَذِهِ الثِّمَارَ لِتَنْتَفِعُوا بِهَا عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ، فَاتَّخَذْتُمْ أَنْتُمْ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ. وَيُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّهَا خَبَرٌ وَالأَخْبَارُ لا تُنْسَخُ وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُهُ أَبُو الوفاء ابن عَقِيلٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَقْتَضِي إِبَاحَةَ السُّكْرِ، إِنَّمَا هِيَ مُعَاتَبَةٌ وَتَوْبِيخٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ السَّكَرَ الْخَلُّ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَأَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَبْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: بنا أبو بكر ابن أبي داود، قال: بنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عن الحسين بن الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ الْحَبَشَةَ يُسَمُّونَ الْخَلَّ السَّكَرَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْخَلُّ بِلِسَانِ الْيَمَنِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ السَّكَرَ: الطَّعْمُ. يُقَالُ هَذَا لَهُ سَكَرٌ أَيْ: طَعْمٌ. وَأَنْشَدُوا: جُعِلَتْ عِنَبُ الأَكْرَمِينَ سَكَرًا. قَالَهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ، فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. أحدها: أَنَّ الْمَعْنَى جَادِلْهُمْ بِالْقُرْآنِ. وَالثَّانِي: بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَالْقَوْلانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَالثَّالِثُ: أَعْرِضْ عَنْ أَذَاهُمْ إِيَّاكَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَبْنَا إِبْرَاهِيمُ الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَبْنَا آدم، قال: بنا وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قَالَ: يَقُولُ أَعْرِضْ عَنْ أَذَاهُمْ إياك. وَالرَّابِعُ: جَادِلْهُمْ غَيْرَ فَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَأَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَدْ ذَهَبْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَفِيهِ بُعْدٌ، لِأَنَّ الْمُجَادَلَةَ لا تُنَافِي الْقِتَالَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ، اقْتَصِرْ عَلَى جِدَالِهِمْ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى جَادِلْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ فَلا يُتَوَجَّهُ نَسْخٌ. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}. أحدهما: أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ بَرَاءَةٍ، فَأُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ قَاتَلَهُ، وَلا يَبْدَأُ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُمِرَ بِالْجِهَادِ. قَالَهُ ابْنُ عباس والضحاك. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْبَاقِلاوِيُّ، قَالا: أَبْنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أحمد بن كامل، قال: حدثي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ} فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يُقَاتِلَ مَنْ قَاتَلَهُ، ثُمَّ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ، فَهَذَا مِنَ الْمَنْسُوخِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، يَكُونُ الْمَعْنَى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ عَنِ الْقِتَالِ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا بِقَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}. وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ ظُلِمَ ظَلامَةً فَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنَالَ مِنْ ظَالِمِهِ أَكْثَرَ مِمَّا نَالَ الظُّلْمُ مِنْهُ. قَالَهُ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالثَّوْرِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو طَاهِرٍ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: أَبْنَا إبراهيم بن الحسين، قال: بنا آدم قال بنا وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ} يَقُولُ: لا تَعْتَدُوا يَعْنِي: مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْمَعْنَى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ عَلَى الْمِثْلَةِ لا عَنِ الْقِتَالِ. وَهَذَا أَصَحُّ من القول الأول. .ذِكْرُ الآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عليهن النَّسْخُ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا}. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي داود، قال: بنا محمد بن قهزاذ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} إِلَى قَوْلِهِ: {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} نَسَخَتْهَا {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}. قال أبو بكر: وبنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} إِلَى قوله: {صَغِيراً} فَنَسَخَهَا {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}. قال أبو بكر: وبنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ، قال: بنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قتادة نحوه. أَخْبَرَنَا بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد، قال: بنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عيسى بن عبيد الله عن عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْلَى عُمَرَ عَنِ الضحاك {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} نُسِخَ مِنْهَا بِالآيَةِ الَّتِي فِي بَرَاءَةٍ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}. قُلْتُ: وَهَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إِنَّمَا هُوَ عَامٌّ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ وَإِلَى نَحْوِ مَا قُلْتُهُ ذهب ابن جرير والطبري. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً}. أحدها: كفيلاً تؤخذ بهم قاله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَالثَّانِي: حَافِظًا وَرَبًّا، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَالثَّالِثُ: كَفِيلا بِهِدَايَتِهِمْ وَقَادِرًا عَلَى إِصْلاحِ قُلُوبِهِمْ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ. وَعَلَى هَذَا، الآيَةُ مُحْكَمَةٌ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا على نظائرها فيما سبق. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بها}. وَبَيَانُ هَذَا أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الصَّلاةُ الشَّرْعِيَّةُ، لا تَجْهَرْ بِقِرَاءَتِكَ فِيهَا وَلا تخافت بها. وَقَالَ آخَرُونَ الصَّلاةُ: الدُّعَّاءُ، فَأُمِرَ التَّوَسُّطَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ، وَذَلِكَ لا ينافي التضرع. فَأَمَّا سُورَةُ الْكَهْفِ: فَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ إِلا أَنَّ السُّدِّيِّ يَزْعُمُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. قَالَ: وَهَذَا تَخْيِيرٌ نُسِخَ بِقَوْلِهِ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَهَذَا تَخْلِيطٌ فِي الْكَلامِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَعِيدٌ وَتَهْدِيدٌ، وَلَيْسَ بِأَمْرٍ كَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ وَلا وجه للنسخ. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا}. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً}. .ذِكْرُ الآيَةِ الْخَامِسَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً}. .بَابُ: ذِكْرِ الْآيَاتِ اللَّوَاتِي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ طَهَ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا}. .باب: ذكر الآيات التي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ. .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ}. أحدهما: أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ كَانَتْ تَظْهَرُ مِنْهُمْ فَلَتَاتٌ ثُمَّ يُجَادِلُونَ عَلَيْهَا فَأُمِرَ أَنْ يَكِلَ أُمُورَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَالآيَةُ عَلَى هَذَا مُحْكَمَةٌ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} أحدهما: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِأَنَّ فِعْلَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللَّهِ لا يُتَصَوَّرُ مِنْ أَحَدٍ، وَاخْتَلَفَ هَؤُلاءِ في ناسخها على قولين: أحدهما: أَنَّهُ قَوْلُهُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا}. وَالثَّانِي: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، لِأَنَّ حَقَّ الْجِهَادِ الْجِدُّ فِي الْمُجَاهَدَةِ، وَبَذْلُ الإِمْكَانِ مَعَ صِحَّةِ الْقَصْدِ. فعلى هَذَا هِيَ مُحْكَمَةٌ وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ الله تعالى لم يؤمر بِمَا لا يُتَصَوَّرُ، فَبَانَ أَنَّ قوله: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} تَفْسِيرٌ لِحَقِّ الْجِهَادِ فَلا يَصِحُّ نَسْخٌ، كَمَا بَيَّنَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}. .باب: ذكر الآيات التي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأَولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} أحدهما: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ لِأَنَّهَا اقْتَضَتْ تَرْكَ الْكُفَّارِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهَا الْوَعِيدُ وَالتَّهْدِيدُ، فَهِيَ مُحْكَمَةٌ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ}. أحدها: ادفع إساءة المسيء بالصفح قاله الْحَسَنُ. وَالثَّانِي: ادْفَعِ الْفُحْشَ بِالإِسْلامِ، قَالَهُ عَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ. وَالثَّالِثُ: ادْفَعَ الشرك بالتوحيد قاله بن السَّائِبِ. وَالرَّابِعُ: ادْفَعَ الْمُنْكَرَ بِالْمَوْعِظَةِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لا حَاجَةَ بِنَا إِلَى الْقَوْلِ بِالنَّسْخِ؛ لِأَنَّ الْمُدَارَاةَ مَحْمُودَةٌ مَا لَمْ تَضُرَّ بِالدِّينِ، وَلَمْ تُؤَدِّ إِلَى إِبْطَالِ حَقٍّ وَإِثْبَاتِ بَاطِلٍ. .باب: ذكر الآيات التي ادُّعِيَ عَلَيْهِنَّ النَّسْخُ فِي سُورَةِ النُّورِ: .ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قال: بنا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَقَّالُ، قال: بنا ابْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَبْنَا إِسْحَاقُ ابن أحمد، قالت: بنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا هُشَيْمٌ، وَأَبْنَا ابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَبْنَا ابن شاذان، قال بنا أبو بكر النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا وهب بن بقية عن هشيم، قَالَ: أَبْنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي قَوْلِهِ: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} قَالَ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ}. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. .ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}. .ذِكْرُ الآية الثالثة: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآيَةَ. أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَبْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أبنا محمد بن قهزاذ، قال: بنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} الآيَةَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَلَيْسَ هَذَا نَسْخٌ إِنَّمَا هُوَ تَخْصِيصٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ الآيَتَيْنِ محكمتان فالاستئذان شَرْطٌ فِي الأُولَى، إِذَا كَانَ للدار أهل، و الثانية وَرَدَتْ فِي بُيُوتٍ لا سَاكِنَ لها وَالإِذْنُ لا يُتَصَوَّرُ مِنْ غَيْرِ آذِنٍ، فَإِذَا بَطُلَ الاسْتِئْذَانُ لَمْ يَكُنِ الْبُيُوتُ الْخَالِيَةُ دَاخِلَةٌ فِي الأُولَى، وَهَذَا أَصَحُّ. .ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}. |